عاشت أميركا على لعبة المصالح وتسخير المؤسسات الدولية لقراراتها، لمحاصرة الشعوب وإسقاط الأنظمة أو ابتزازها لتغطية الإحتلال والغزو، وبعد إنكشاف الكذب والخداع تظهر الكلمة السحرية (لقد أخطأنا) بعد فوات الأوان، ولكن الكذب والتزوير لشن الحروب وصناعة المحاكم الدولية سرعان ما ينكشف في حال مقاومته وعدم التسليم للقدر الأميركي فتعود أميركا للمساومة والمصالحة بعد إخفاقها بتحقيق أهدافها ،للحفاظ على مصالحها دون الحلفاء.
وتعيش أميركا لحظة مفصلية ،بإنحسار تمددها العالمي بعدما أخفقت في العراق وأفغانستان ولبنان(وهذا لا يعني خسارتها الكاملة) بل عجزت عن تحقيق الخطة الكاملة، فبدأت التسويات في العراق لحفظ مصالحها من النفط والقواعد العسكرية والمشاركة السياسية بتوازن القوى مع ايران وسوريا والمقاومة العراقية، وفي أفغانستان تخوض مفاوضاتها مع ايران وباكستان لتقليل الخسائر الأميركية وحفظ ماء الوجه العسكري(مع التنويه التقدم الذي أحرزته زراعة الأفيون والحشيش بعد الغزو الأميركي!!).
أما في لبنان فقد وصلت الضغوط إلى ذروتها عبر التهديد بالقرار الظني واتهام حزب الله وإستطرادا الطائفة التي ينتمي إليها ،لعل أميركا وحلفائها يكسرون (البحصة)التي تسند الجرة الإيرانية -السورية ،وتحول القرار إلى سلعة للمساومة بعدما يئس الأميركيون من تفتيت الموقف السوري فتحول(اللايزر الاتهامي) باتجاه المقاومة وبدأت المفاواضات منذ عدة أشهر وكان الهدف منها:
- توفير بيئة أمنية وسياسية ملائمة للفتنة ،أو تقييد سلاح المقاومة.
- المساومة والتفاوض للحفاظ على المصالح في الساحتين اللبنانية والإقليمية،سواء بقطع رؤوس المعارضين والمقاومين لمشروعه ،أو رؤوس الحلفاء الظرفيين وغير الإستراتيجيين فهم حلفاء مرحلة وأدوات مشروع يمكن بيعهم ، وهذا نهج أميركي يتكرر تاريخيا لكن المشكلة في السياسيين الأميين الذين لا يقرأون .
ويتجه الأميركيون إلى التعامل مع الدول التي تمتلك مقومات القوة ،أما للتحالف معها أو عقد الاتفاقات التي تؤمن مصلحة الطرفين، ولذا فهي تحاول استبدال دول الإعتدال العربي الضعيفة والتي استنزفتهم بالأموال والنفط والمبادرات السلمية ولكنهم لم يستطيعوا المواكبة الميدانية لمشروعها نتيجة انعدام السلطة القوية وانحسارها في دائرة(سلطة القمع..واستجداء القمح )، حيث تتجه المنطقة الآن لعصر التحالف الثلاثي(إيران-تركيا-سوريا) للتفاوض مع أميركا وأوروبا قبل استيقاظ الدب الروسي أو المارد الصيني لحفظ مصالح المنطقة ،وهذا ما يجعل قوى الاعتدال تدفع الثمن خاصة وأنها مؤهلة لذلك نتيجة ظروفها السياسية والديمغرافية حيش تعيش هاجس الخلافة والتوريث في مصر والسعودية ويعيش الأردن هاجس أن يكون(الوطن البديل )للاجئين الفلسطينيين كما يريدا الإسرائيليون والأميركيون، ولا يمانعها العرب بشكل غير مباشر عبر تقاعسهم عن نصرة القضية الفلسطينية.
أما في لبنان فلا يزال البعض يخاف من إنقلابات الداخل اللبناني، ولا يخاف الإنقلاب عليه خارجيا من الرعاة المفترضين، بعدما انقلبوا على رعيته في العراق وبعدما انقلب الاسرائيليون على رعيته في فلسط
ين، وبعدما تركوا رعيته في الجنوب وشرق صيدا لمصيرهم المحتوم، و لم يخفه أو يزعجه أجهزة التنصت في الباروك وصنين ،فأزعجه دفاع المقاومة عن نفسها بمواجهة القرار الظني ،ولم تخفه تهديدات خلايا القاعدة ضد(النصارى والصليبين) بل أخافه سلاح المقاومة الذي لم يعاقب حتى العملاء في الجنوب لأنه ينتمي إلى مدرسة عقائدية أصلها التسامح والوطنية وقد بدأت ممارساتها السياسية منذ الإمام الصدر والحرب الأهلية وحماية المسيحيين في كل المناطق التي يسكن فيها من(يخاف منهم)البعض.
فنقول لهؤلاء احذروا التسوية القادمة والتاجر الأميركي وقد بدأت اعلانات الحسومات السياسية عبر(صولد)وثائق ويكيليكس التي كشفت عورات حلفاء أميركا لتسهيل بيعهم أو ابتزازهم لتحسين شروطها عبر توريطهم بالهجوم على المقاومة بشكل أكبر،ونردد ماجاءوفي الإنجيل (أغفر لهم يا أبتاه فإنهم لا يدرون ما يفعلون) علنا و؟إياهم نطرد لصوص الهيكل من الصهاينة المحتلين لنحتفل بميلاد السيد المسيح (ع) ،احرارا دون إحتلال.
د. نسيب حطيط
سياسي لبناني